أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

حسابات الفاعلين:

هل تتسع حرب غزة إلى جبهات أخرى في الإقليم؟

07 أغسطس، 2024

حسابات الفاعلين:

عقد مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" ورشة عمل موسعة، تطرقت إلى العديد من الملفات ذات الصلة بسيناريوهات اتساع الحرب الشاملة في منطقة الشرق الأوسط، ومواقف الأطراف المعنية، والانعكاسات على الصعيدين الإقليمي والدولي. وحضر الورشة مجموعة من الخبراء من خارج المركز، وهم من واشنطن، الجنرال مارك كيميت، مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، ومن بيروت، الخبير العسكري، العميد خليل الحلو، ومن القاهرة، الخبير العسكري، العميد محمود محيي الدين، ومن عدن، الخبير العسكري، العميد ياسر صالح. 

كما شارك عدد من خبراء وباحثي مركز المستقبل بأوراق بحثية، وهم: حسام إبراهيم، المدير التنفيذي للمركز، وأحمد عليبه، رئيس وحدة الاتجاهات الأمنية، ومصطفى ربيع، رئيس برنامج المؤشرات وتحليل البيانات، ومحمد محمود السيد، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، وشريف هريدي، الباحث في الشؤون الإيرانية. 

ويأتي عقد هذه الحلقة النقاشية في ظل التطورات الحالية التي تشهدها المنطقة، وأبرزها اغتيال عدد من قيادات حزب الله اللبناني ومنهم فؤاد شكر، فضلاً عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية. وسبق ذلك أن شنت إسرائيل يوم 20 يوليو 2024 هجوماً هو الأول من نوعه على ميناء الحديدة في اليمن، بعد يوم من الهجوم الحوثي الذي استهدف تل أبيب بطائرة مُسيَّرة. وقد خلص النقاش إلى النقاط الرئيسية التالية:

1- مصالح نتنياهو: تستند حسابات إسرائيل في حرب غزة بالأساس إلى تقديرات بنيامين نتنياهو السياسية، والتي تشمل حسابات حكومته الائتلافية اليمينة المتطرفة. ولا يبدو أن نتنياهو يمتلك رؤية محددة لمستقبل هذه الحرب أو "اليوم التالي" في غزة، سوى مواصلة الحرب؛ وذلك نتيجة معطيات اللحظة الحالية التي جعلت مستقبله السياسي مرتبطاً باستمرار حالة الحرب. وهو استنتاج تأكد خلال كلمته أمام الكونغرس الأمريكي في 24 يوليو الماضي.

وهناك قناعة لدى نتنياهو، تسربت إلى المستويات العسكرية والرأي العام الإسرائيلي، بأن حركة حماس صارت أضعف كثيراً عما قبل؛ وذلك بالنظر إلى التنازلات التي قدمتها حماس مؤخراً في مفاوضات الهدنة، والتي كانت تعتبرها فيما مضى "خطوطاً حمراء"، وكذلك بالنظر إلى ضعف الرد العسكري من جانبها على اغتيال عدد من قياداتها، ومنهم محمد الضيف ورافع سلامة، حسب التأكيدات الإسرائيلية، بالرغم من أن حماس اعتادت الرد على مثل هذه العمليات بشكل أكثر قوة.

لذلك، لا يُظهر نتنياهو علامات على استعجاله للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن. ومن الواضح أن القرار في قبضته، ولا يبدو أن المستوى العسكري يقاوم رغبة نتنياهو في هذا الصدد. أما مجلس الحرب الذي أعرب العديد من أعضائه عن دعمهم للصفقة مع حماس، فقد تم إقصاؤه من عملية اتخاذ القرار.

وفي مرحلة لاحقة، غير مُحددة التاريخ، ربما يذهب نتنياهو إلى خيار خفض كثافة العمليات القتالية في غزة، وهو ما يُطلق عليه الجيش الإسرائيلي "المرحلة الثالثة" من الحرب. وقد يدفعه "إنجاز عسكري" على الأرض إلى إيقاف الحرب مؤقتاً، ولكنه حينئذ قد يتجه إلى إشعال حرب أخرى في لبنان، للحفاظ على وجوده السياسي.

2- تقديرات طهران: لاعتبارات استراتيجية ومذهبية، يتمتع حزب الله اللبناني بمكانة متميزة لدى إيران. وعلى الرغم من الموقف المتحفظ لطهران، والذي استمر منذ بداية حرب غزة تجاه التصعيد ضد الفصائل الفلسطينية والحوثيين والجماعات الولائية في سوريا والعراق؛ فإن المسؤولين الإيرانيين وجهوا تهديدات مسبقة وحازمة لإسرائيل تحذرها من شن حرب موسّعة ضد حزب الله، وذلك في ضوء تزايد التهديدات الإسرائيلية بإمكانية القيام بحرب ضده.

وفي هذا السياق، تراهن طهران على عدم فتح جبهة واسعة للحرب الحالية من جهة، ومن جهة أخرى فإنها تسعى للإبقاء على قنوات الاتصال الخلفية مع الولايات المتحدة من خلال المباحثات غير المباشرة التي يجريها الطرفان بشكل غير مباشر في سلطنة عُمان، لضبط مساحة التصعيد وعدم انزلاق الأمور، حسبما ذكرت تقارير غربية. وينفي المسؤولون الأمريكيون عقد تلك المباحثات، لكن ربما يرجع ذلك إلى أسباب انتخابية خاصة بالداخل الأمريكي. بيد أن مؤشرات عديدة ربما ترجح استمرار التواصل غير المباشر بين الجانبين الأمريكي والإيراني، وقد تستغل طهران تلك المباحثات في إتمام صفقة أكبر وأشمل مع واشنطن تتضمن ملفات نووية وإقليمية، وإن كان هذا الأمر يتوقف بشكل كبير على نتائج الانتخابات الأمريكية. 

3- تحولات واشنطن: شهد الموقف الأمريكي عدة تحولات منذ هجمات 7 أكتوبر؛ إذ أيدت واشنطن قيام إسرائيل بتقويض الهيكل العسكري لحماس، لكن مع سقوط عشرات الآلاف من المدنيين وتفاقم الوضع الإنساني في غزة، وارتفاع سقف التصعيد على الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ انخرطت الإدارة الأمريكية في طرح المبادرات للتهدئة وخفض التصعيد. 

وانعكست أيضاً التطورات السياسية في الولايات المتحدة وتحديداً ما يتعلق بمشهد الانتخابات وعدم ترشح بايدن. وتراجعت فرص المبادرات الأمريكية، فضلاً عن أولوية الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا في الحرب مع روسيا، والاهتمام بتقوية حلف الناتو، والانشغال بالتطورات في شرق آسيا في مواجهة الصين. 

4- سيناريوهات حزب الله: تُعد المواجهات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني قائمة في إطار حرب الاستنزاف التي اندلعت منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وشهدت تطورات مرحلية رفعت من سقف التصعيد المتبادل؛ ومن ثم من الوارد حدوث المزيد من التصعيد.

وفيما يتعلق بموازين القوة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، فإن الأولى لديها عامل التفوق الجوي، كما تمتلك قدرات ذكية في عمليات الاستهداف، بالإضافة إلى الاستعمال المكثف للذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف وجمع المعلومات والتجسس على قادة حزب الله ومقاتليه ومواقعه العسكرية. وفي المقابل، لدى إسرائيل بعض نقاط الضعف، ومنها حالة الإنهاك العسكري، مع طول فترة المواجهات لأكثر من عشرة أشهر، وتحديات التحرك البري، والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى عدم رغبة حلفائها وتحديداً الولايات المتحدة في توسيع جبهة الحرب بالإقليم. 

ومن ناحيته، يتمتع حزب الله اللبناني بعدد من نقاط القوة، منها شبكة الأنفاق الأرضية التي قد تعرقل أي تحرك أرضي إسرائيلي، وترفع كُلفة استهداف القوات، فضلاً عن قدرته على إدارة ما يُسمى بـ"حرب العصابات"، وخبرات الحرب التقليدية التي راكمها من خلال العمل مع الجيوش النظامية في الساحة السورية. بالإضافة إلى تحالفاته الإقليمية تحت مظلة المحور الإيراني من العراق واليمن سوريا، والتي ستشكل عامل إسناد له في إطار ما يُعرف بـ"وحدة الساحات". 

وفي ضوء التطورات المرحلية، من المتصور أن هناك ثلاثة سيناريوهات فيما يتعلق بتطورات الوضع على الجبهة اللبنانية، وهي الاجتياح المحدود، وتوسع الحرب (أقل احتمالاً)، والاستمرار في حرب الاستنزاف. 

5- تأثير الحوثيين: تستثمر إيران الأهمية الجيوسياسية لليمن على مستوى التأثير في طرق التجارة الدولية والمصالح الحيوية للعالم في المنطقة، وخاصةً مع جود الجماعة الحوثية التي لا تبالي بأية عواقب أو تبعات ممكن أن يتعرض لها اليمن؛ لذا أوكلت إليها طهران مهام استهداف التجارة الدولية.

وقد يشارك الحوثيون إلى جانب إيران تحت مسمى "وحدة الساحات"، في مواجهة أي هجوم أو حرب عليها، خصوصاً أن اشتراك الحوثيين في المواجهة التي قد تخوضها إسرائيل مع حزب الله، ربما يكون الأكثر تأثيراً عن بقية الأذرع من الناحية الجيوسياسية والعسكرية؛ نظراً لأهمية الموقع الجغرافي لليمن وباب المندب الذي قد تلجأ الجماعة الحوثية إلى إغلاقه؛ لأن مصير حزب الله يبدو لها أكثر أهمية مما يحدث في غزة.

وربما تدرك الجماعة الحوثية صعوبة اتخاذ إسرائيل قرار الحرب في اليمن بسبب البعد الجغرافي وصعوبتها، فضلاً عن حرص حلفائها على عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بما جعل تحالف "حارس الازدهار" المُعلن بقيادة الولايات المتحدة في ديسمبر 2023 ينتهج استراتيجية العمليات الدفاعية، وعدم الوصول إلى الضربات الوقائية أو المواجهة المباشرة مع الحوثيين.